" تيسير النحو : موضة أم ضرورة ؟ "
الملخص :
تشكل مادة النحو جزءا رئيسا في تعليم اللغات بشكل عام ، ويعد هذا الجزء من أكثر الموضوعات تعقيدا وتذبذبا في مناهج تعليم العربية خاصة . ومما لا شك فيه أن أسبابا عديدة تشكلت منها صعوبة القواعد النحوية في المجال التربوي التعليمي . فإلى جانب جفاف المناهج وعقم الكتب المندرسية والطرائق ، وسوء فهم الغاية من تدريس القواعد وعجز المعلمين والمربين عن استثمارها استثمارا فعالا في إكساب المتعلم السلامة اللغوية وتلقائية التعبير ... إلى جانب ذلك كله هناك طبيعة المادة النحوية المدرسة في حد ذاتها ؛ فهي -في الكتب والمقررات التعليمية- نوع من التحليل الفلسفي ، فيها كثير من المصطلحات والحدود والتفريعات ، التي يعجز عن فهمها المعلمون فضلا عن المتعلمين .
وعليه ، فإن تيسير هذه المادة على المتعلم - في زمان يتلقى فيه الفصحى تعلما وصناعة لا طبعا واكتسابا - واجب حتمي ، وسيظل هذا الواجب قائما في الحاضر والمستقبل ، كما كان قائما في الماضي . لكن التيسير في هذه المسائل الخطيرة جهد ضائع ، أو طريق مضلة لا تعرف لها حدود ، ولا تتضح لها غاية إذا تم معالجته بعيدا عن الحقائق التي أثبتها العلماء والمختصون في ميدان علم تدريس اللغات Didactique des langues .
ومن هنا ، تأتي أهمية هذه الدراسة التي سنحاول من خلالها تحليل الإشكالية الأساسية الآتية : لماذا لم تنجح المحاولات القديمة والحديثة في تجديد النحو ؟ وما هو البديل المقترح ؟
تيسير النحو ، موضة أم ضرورة ؟(1)
بقلم محمد صاري
أستاذ مكلف بالدروس بقسم
اللغة العربية وآدابها - كلية الآداب
والعلوم الإنسانية - جامعة عنابة
مقدمة :
يحظى تعليم اللغة العربية وتعلمها في عصرنا بأهمية متزايدة لدى الدارسين والمربين في العالم العربي والإسلامي . ومما لا شك فيه أن نمو هذا الاهتمام لدى القائمين على الميدان يعود إلى أسباب متعددة ؛ حضارية وثقافية واجتماعية وعلمية واقتصادية ... الخ . غير أن هذا الميدان يواجه مشكلات تربوية حادة ، لعل من أبرزها تعقيدا وتذبذبا مسألة القواعد النحوية وتدريسها . فقد ظلت هذه المسألة قضية جدلية ساخنة في تعليم العربية بشكل عام ، فهي لا تكاد تهدأ حتى تعود إلى الواجهة من جديد . والدليل على ذلك أننا حين نلقي نظرة تاريخية على القواعد النحوية في مناهج تعليم اللغة العربية منذ مطلع النهضة نكتشف اختلافا كبيرا حول أفضل وسيلة لتيسير تدريس النحو . ولا غرابة أن نجد في حقل وليد وحيوي مثل اللسانيات التعليمية هذا التنوع الهائل الذي يشبه الرياح المتغيرة والرمال المتحركة ، بعض يناقض الآخر مناقضة كاملة في أسسه النظرية والتطبيقية (2) .
2 - تحديد المشكلة :
إن مسألة تيسير القواعد النحوية تثير حاليا العديد من الإشكالات النظرية والتطبيقية . فهي تشكل جزءا رئيسيا في تعليم اللغات بشكل عام . ويعد هذا الجزء - عند جمهور المربين والمعلمين - من أعقد العناصر اللغوية في مناهج تعليم اللغة العربية . فعلى الرغم من العناية الكبيرة التي تلقاها مادة النحو ، إلا أن التقارير العلمية (3) ، والبحوث التربوية التي أنجزت في هذا الشأن (4) ، تشير إلىضعف التلاميذ في لغتهم الوطنية من حيث الأداء المنطوق والمكتوب وكثرة الأخطاء النحوية ، وشيوعها في كلامهم ، وقراءاتهم ، وكتاباتهم ، في جميع مراحل التعليم العام ، ولم يسلم من ذلك طلاب الجامعة والمتخرجون منها . ثم إن الباحث في تعليمية اللغة العربية لا يحتاج إلى روائز تربوية ، ولا إلى إحصاءات لكي يستنتج أن مسألة القواعد النحوية ، وتيسير تدريسها ما تزال قائمة ؛ فالمعلمون والمتعلمون يبذلون جهودا معتبرة ، وأوقاتا طويلة في تعليمها وتعلمها ، ولا يصلون بعد هذا كله إلى نتائج تتفق مع ما يصرف عليها من زمن وجهد . ومما لا شك فيه أن أسباب عديدة ساهمت - بنسب متفاوتة - في خلق أزمة النحو في المجال التربوي التعليمي ، أهمها :
1 - القصور في فهم وظيفة القواعد ، وعدم وضوح الأهداف من تدريسها . وقد أدى هذا إلى سوء استغلالها من قبل المربين والمعلمين ، وإلى فهم قاصر محدود لطبيعتها ، والهدف من تدريسها . فكثيرا ما يتم تدريسها بعيدا عن الغاية المقصودة (5) .
2 - الافتقار إلى مادة نحوية تعليمية مناسبة ، يتم إعدادها للمتعلمين وعرضها عليهم في ضوء مجموعة من المقاييس العلمية والتربوية والنفسية ، منها ما يخص طبيعة المعرفة التي تعد لها هذه المادة ، ومنها ما يخص الدارسين الذين يستخدمونها (6) .
3 - سوء إعداد معلمي اللغة العربية ، وعقم طرائق التدريس المتبعة ، مقارنة بما يجري في تعليم اللغات عند الغربيين .
وإلى جانب ذلك كله ، هناك طبيعة المادة النحوية المدرسة في حد ذاتها ، فهي - في الكتب والمقررات التعليمية - نوع من التحليل الفلسفي ، فيها كثير من المصطلحات والحدود والتفريعات التي يعجز عن فهمها المعلمون ، فضلا عن المتعلمين (7) .
ولحل مشكلة استعصاء القواعد النحوية على المعلمين والمتعلمين خاصة ، أنجز اللغويون القدامى والمحدثون مختصرات تعليمية ، وكتبا مدرسية ، وبحوثا ودراسات استلهمت أفكارها من الخبرات الطويلة ، والملاحظات الميدانية لواقع تعليم النحو . فمنهم من ذلل للناشئة لغته وبسط أمثلته ، ومنهم من اختصر قاعدته ، ومنهم من ساهم في توضيح طريقة تدريسه وانتقاء مادته وبناء منهجه ، ومنهم من ذهب إلى حد الغلو ، فحذف جزءا من أصوله وأبوابه بدعوى أنها فضول لا خير فيه ولا يضطر إليها شيء (8) .
وباختصار ، فإن الدراسات العربية التي بذلت منذ الأربعينات لحل مسألة القواعد النحوية مادة وطريقة تراوحت بين اتجاهات عديدة ، جمعت بين الإفراط والتفريط ؛ أي بين العناية المبالغ فيها بالقواعد النظرية التحليلية ، وبين التجاهل شبه المطلق للتراث والتأليف ضده .
وبين هذا وذاك ، نشأ اتجاه ثالث تميز بالاعتدال والموضوعية ، لم يتزعزع أو يتأثر كثيرا بما شهدته مسألة تيسير النحو من مناقشات نظرية انطباعية مناهضة ، أو مبالغة عند المجددين والمحافظين ؛ هذا الاتجاه ينحو إلى الاستفادة من الخبرات والمستجدات العلمية والتقنية المكتشفة في حقل اللسانيات التطبيقية وتعليمية اللغات ، ويتخذ ملكة التواصل - بشكل عام - نقطة انطلاق . فالقواعد النحوية في اعتقاد هذا الفريق لا تعارض الطلاقة الاتصالية ، وتدريس النحو بالنسبة إليهم له فوائد عملية تشجع على تثبيت هذه المادة في برامج اللغة العربية ومناهجها . والإشكالية الأساسية عند هؤلاء تكمن في تحديد معايير انتقاء المادة النحوية الوظيفية ، ثم اختيار الطريقة الناجعة لعرضها على المتعلمين ، وترسيخها حتى تصير ملكة راسخة في العضو الفاعل لها وهو اللسان (9) .
3 - المفهوم الإجرائي للتيسير :
انطلاقا مما سبق طرحه من أفكار ، نشأت الحاجة إلى دراسة علمية تقيم محاولات تيسير النحو قديما وحديثا وتقومها على ضوء الأسئلة الجوهرية الآتية : ما هو المفهوم الإجرائي للتيسير ؟ وهل الدرس النحوي مفيد لإكساب المتعلم الملكة اللغوية ؟ ثم إذا أفاد فمتى يكون ذلك ؟ وفي أي مرحلة من التعليم ؟ وما هي شروط نجاحه ؟
الواقع أن الإجابة عن تلك التساؤلات التي تؤسس موضوع هذا البحث تقتضي دراسة تحليلية تعتمد على تقويم موضوعي محض لمحاولات تيسير النحو " لماذا لم تنجح " ؟ وكذلك لتدريس النحو في مراحل التعليم معيدين النظر في منطلقاته الفلسفية على نحو يعكس المستجدات الراهنة ، وما تمخضت عنه الاتجاهات المختلفة من أفكار ومفاهيم وحقائق في مجال تعليمية النحو Didactique de la grammaire .
إن تيسير النحو العربي على الناشئة والمتعلمين - في زمان نتلقى فيه الفصحى تعلما وصناعة ، لا طبعا واكتسابا (10) - واجب حتمي . وسيظل هذا الواجب قائما في الحاضر والمستقبل كما كان قائما في الماضي ، سيما ونحن في عصر تتجه فيه اللسانيات التعليمية إلى التجميع المستنير والاستفادة من الخبرات والدراسات النظرية والميدانية الحديثة التي أثرت مجالها بشكل لافت للانتباه (11) .
لكن التيسير في هذه المطالب الخطرة والمستعصية لن يكون على غير قاعدة ، وإنما هو جهد ضائع، أو طريق مضلة لا تعرف لها حدود ، ولا تتضح لها غاية إذا أخطأنا الوجهة من فاتحة الطريق (12) . وحتى لا نخطئ الوجهة من البداية ، فيضيع الوقت والجهد ، وجب تحديد المفهوم الإجرائي لمصطلح تيسير النحو، وهذا المفهوم يحدده العلماء كالآتي : هو تكييف النحو والصرف مع المقاييس التي تقتضيها التربية الحديثة عن طريق تبسيط الصورة التي تعرض فيها القواعد على المتعلمين . فعلى هذا ، ينحصر التيسير في كيفية تعليم النحو ، لا في النحو ذاته(13) .
هذا هو المفهوم الإجرائي الذي نتبناه ، وقد نبهت المدرسة الخليلية الحديثة المصلحين والمجددين إلى هذا المفهوم منذ أكثر من ثلاثين سنة تقريبا ، كما دعت الدارسين إلى ضرورة التمييز بين نوعين من النحو: النحو العلمي ( النظري ) ، والنحو التعليمي ( التربوي ) (14) .
فالنحو العلمي التحليلي (Grammaire scientifique analytique) : يقوم على نظرية لغوية تنشد الدقة في الوصف والتفسير ، وتتخذ لتحقيق هذا الهدف أدق المناهج . فهو نحو تخصصي ينبغي أن يكون عميقا مجردا ، يدرس لذاته ، وتلك طبيعته . وهذا المستوى من النحو - كما يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح - يعد نشاطا قائما برأسه ، أهدافه القريبة الخاصة به هي الاكتشاف المستمر والخلق والإبداع. وهذا هو الأساس والمنطلق في وضع نحو تعليمي تراعى فيه قوانين علم التدريس .
أما النحو التربوي التعليمي (15) (Grammaire pédagogique) : فيمثل المستوى الوظيفي النافع لتقويم اللسان ، وسلامة الخطاب ، وأداء الغرض ، وترجمة الحاجة . فهو يركز على ما يحتاجه المتعلم ، يختار المادة المناسبة من مجموع ما يقدمه النحو العلمي ، مع تكييفها تكييفا محكما طبقا لأهداف التعليم وظروف العملية التعليمية (16) . فالنحو التربوي يقوم على أسس لغوية ونفسية وتربوية ، وليس مجرد تلخيص للنحو العلمي . فعلى هذا المستوى ، ينبغي أن تنصب جهود التيسير والتبسيط .
إذن ، فالنحو العلمي شيء ، والنحو التعليمي شيء آخر ونمط خاص ، يتكون من مادة تربوية مختارة على غرار أسس ومعايير موضوعية ، تراعي أهداف التعليم ، وحاجات المتعلمين ، وظروف العملية التعليمية . وعليه ، فقد »أخطأ كثير من المعلمين حين غالوا بالقواعد ، واهتموا بجميع شواردها والإلمام بتفاصيلها ، والإثقال بهذا كله على كاهل التلاميذ ظناًّ منهم أن في ذلك تمكينا لهم من لغتهم ، وإقدارا لهم على إجادة التعبير والبيان «
(17) . ولعل أقدم تشخيص للعلاقة السلبية بين المعرفة النظرية الواعية بالقواعد والاستعمال الفعلي لها في المستوى المنطوق والمكتوب من اللغة هو ذلك الذي جاء في مقدمة ابن خلدون حيث يرى : » أن صناعة العربية [ صناعة النحو ] إنما هي معرفة قوانين هذه الملكة [ اللغة ] ومقاييسها خاصة . فهو علم بكيفية لا نفس كيفية . فليست نفس الملكة ، وإنما هي بمثابة من يعرف صناعة من الصنائع علما ولا يحكمها عملا ( ... ) وهكذا ، العلم بقوانين الإعراب إنما هو علم بكيفية العمل . وكذلك تجد كثيرا من جهابذة النحاة ، والمهرة في صناعة العربية المحيطين علما بتلك القوانين إذا سُئل في كتابة سطرين إلى أخيه أو ذي مودته ، أو شكوى ظلامة ، أو قصد من قصوده ، أخطأ فيها الصواب وأكثر من اللحن ، ولم يجد تأليف الكلام لذلك ، والعبارة عن المقصود فيه على أساليب اللسان العربي«
(18) .
(17) . ولعل أقدم تشخيص للعلاقة السلبية بين المعرفة النظرية الواعية بالقواعد والاستعمال الفعلي لها في المستوى المنطوق والمكتوب من اللغة هو ذلك الذي جاء في مقدمة ابن خلدون حيث يرى : » أن صناعة العربية [ صناعة النحو ] إنما هي معرفة قوانين هذه الملكة [ اللغة ] ومقاييسها خاصة . فهو علم بكيفية لا نفس كيفية . فليست نفس الملكة ، وإنما هي بمثابة من يعرف صناعة من الصنائع علما ولا يحكمها عملا ( ... ) وهكذا ، العلم بقوانين الإعراب إنما هو علم بكيفية العمل . وكذلك تجد كثيرا من جهابذة النحاة ، والمهرة في صناعة العربية المحيطين علما بتلك القوانين إذا سُئل في كتابة سطرين إلى أخيه أو ذي مودته ، أو شكوى ظلامة ، أو قصد من قصوده ، أخطأ فيها الصواب وأكثر من اللحن ، ولم يجد تأليف الكلام لذلك ، والعبارة عن المقصود فيه على أساليب اللسان العربي«
(18) .
إن الواقع يثبت أن المعرفة النظرية للقواعد ، واستظهارها بعيدا عن الممارسة والاستعمال »قليلة الجدوى في صيانة اللسان من الخطأ بدليل أن أكثر التلاميذ حفظا لها ، واستظهارا لمسائلها يخطئ في كلامه أخطاء فاحشة (...) وأنها كذلك عديمة الجدوى في إقدار التلاميذ على التعبير . فكثير منهم يحفظون القواعد ولكن أسلوبهم ركيك ، وعباراتهم رديئة ، وإنشاءهم ضعيف بوجه عام «
(19) . فما النحو إلا وسيلة لضبط الكلام ، وصحة النطق والكتابة . هذه غايته التعليمية التي أقرها العلماء منذ القديم » النحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره ، كالتثنية والجمع ، والتحقير ، والتكسير ، والإضافة والنسب ، والتركيب ، وغير ذلك ، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها ، وإن لم يكن منهم ، وإن شذ بعضهم عنها رد به إليه «
(20) .
(19) . فما النحو إلا وسيلة لضبط الكلام ، وصحة النطق والكتابة . هذه غايته التعليمية التي أقرها العلماء منذ القديم » النحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره ، كالتثنية والجمع ، والتحقير ، والتكسير ، والإضافة والنسب ، والتركيب ، وغير ذلك ، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها ، وإن لم يكن منهم ، وإن شذ بعضهم عنها رد به إليه «
(20) .
إذن ، فالنحو جد ضروري في تعليم اللغة واكتساب السليقة ، ولكن لا كقواعد نظرية تحفظ عن ظهر قلب ، مطردها وشاذها ، ولكن كمثل وأنماط عملية تكتسب بالتدريب والمران المستمرين . قال ابن خلدون : » وهذه الملكة (...) إنما تحصل بممارسة كلام العرب ، وتكرره على السمع ، والتفطن لخواص تركيبه . وليست تحصل بمعرفة القوانين العملية في ذلك التي استنبطها أهل صناعة البيان . فإن هذه القوانين إنما تفيد علما بذلك اللسان ، ولا تفيد حصول الملكة بالفعل في محلها «
(21) .
(21) .
هذا هو الاتجاه الحديث الذي يدعو إليه المختصون في تعليمية اللغات بشكل عام ؛ حيث يسعى أنصاره إلى عرض القواعد النحوية - على المتعلمين - عرضا وظيفيا من خلال تراكيب بنوية ، وأنماط لغوية متدرجة في الصعوبة ، الهدف منها ترسيخ قاعدة نحوية أو صرفية أو بلاغية معينة في ذهن المتعلم بطريقة ضمنية عن طريق حمله على القيام بسلسلة من التمارين الآلية والتواصلية والتحليلية المنظمة ، وبتكرار محكم حتى يصل - في مرحلة معينة من مراحل تعليمه - إلى تصور هيئات التركيب ، ومواقع المرفوعات والمنصوبات والمجرورات ، حسب ما تقتضيه المعاني .
إذن ، أين هو تيسير النحو من هذا الاتجاه الحديث ؟ وبمعنى آخر هل تم معالجة إشكالية النحو العربي مادة وطريقة في ظل الحقائق المتجددة التي يثبتها العلماء باستمرار في حقل اللسانيات التطبيقية (22) وتعليمية اللغات (23) ؟ وهذا ما سنجيب عليه من خلال تقييم الجهود القديمة والحديثة التي بذلت لحل مسألة القواعد وتدريسها .
4 - القدماء وتأليف المتون والمختصرات :
أدى حرص العلماء واللغويين على تعليم العربية إلى تمييزهم الواضح بين مستويين من النحو ؛ مستوى نظري تحليلي ، ومستوى تربوي تعليمي ، وهو الغالب . فالقدماء كانوا على وعي تام بضرورة وجود مؤلفات نحوية تعليمية واضحة تناسب الفئات المختلفة من الناشئة والمتعلمين . وقد دفعهم هذا الوعي بالمشكلة إلى إعداد مختصرات ومتون يضم الواحد منها - أحيانا - موضوعات النحو الأساسية في صفحات معدودة ، تقتصر على ما يلبي حاجة المتعلم في عبارة مبسطة ، وموجزة ، معتمدين في ذلك على مبدأ التدرج والانتقاء ، فتجنبوا كثيرا من المسائل الخلافية . ولم يتعصبوا لمدرسة نحوية معينة ، بل ركزوا على الموضوعات المذهبية ( التي استقرت عند جمهور النحاة ) . وهكذا خلت مؤلفاتهم من الإسراف في التفصيل والتفسير والولوع بالاستشهاد والاحتجاج والتعليل ؛ ذلك أن همهم الوحيد هو تقريب النحو من المتعلمين . ومن الأمثلة على ذلك كتاب " الجمل " للزجاجي ( ت 238 هـ ) ، و" الواضح " للزبيدي ( ت 379 هـ ) ، و" اللمع " لابن جني ( ت 392 هـ ) ، و" قطر الندى " لابن هشام الأنصاري ( ت 761 هـ ) ... الخ .
ومما تجدر الإشارة إليه أن التأليف التعليمي الذي ظهر مبكرا منذ القرن الثاني الهجري ، واستمر زمنيا دون انقطاع ، تجاوز دائرة المتخصصين في النحو ، حيث شارك فيه علماء ، ولغويون ، ونحاة ، ومناطقة ، وفلاسفة ، وفقهاء ، ومفسرون . وحسبنا أن نلقي نظرة على قائمة العناوين التي أسهمت في مجال التأليف التعليمي ، لنعرف حجم المجهودات التي بذلها العلماء لنشر العربية وتيسير تعليمها (24) . فمن هذه المؤلفات ، العناوين الآتية : مختصر في النحو ، المختصر في العربية ، الموجز في النحو ، الوجيز في النحو ، مقدمة في علم النحو ، المقدمة ، المدخل إلى علم النحو ، المدخل الصغير ، النحو الصغير ، جامع النحو الصغير ، المهذب في النحو ، الموفقي في النحو ، الجمل في النحو ، التفاحة في النحو ، المنمق في النحو ، الإقناع في النحو ، الواضح في النحو ، النظامي في النحو ، الإفادة في النحو ، التلقين في النحو ، النموذج ، الأنموذج في النحو ، القانون ، المصباح ، الإشارة ، الكافية ، الشافية ، الطرفة في النحو ، المفيد، الإشارة في النحو ، كفاية المبتدئ ، موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب ، كشف النقاب عن بنية الإعراب، تسهيل التحصيل ، الهداية الربانية إلى مقاصد العربية (25) ... الخ .
وللإشارة ، فإن محتويات هذه العناوين ومستوياتها لم تكن على درجة واحدة من البساطة والتعقيد؛ فهي مختصرات متعددة المستويات ، مختلفة المناهج ، توحي في وضوح لا يقبل الشك بأن العصور القديمة لم تخل من نحاة ، وعلماء، ومربين، ومعلمين موفقين ألفوا ما قرب الطريق - إلى حد ما - على المتعلمين (26) . فالقدماء لم تكن بينهم خصومة تذكر حول موضوع التيسير ، ومسألة تقريب القواعد من المتعلمين لم تشكل قضية بالنسبة إليهم ، ولم تكن مطروحة بحدة عندهم ؛ فقد كانوا على وعي بضرورة وجود مستوى من المؤلفات النحوية المختصرة والميسرة ، وهو ما توحي به عناوين مؤلفاتهم . ثم إن تصورهم للتيسير يختلف تماما عن تصور المحدثين . فالتيسير عندهم قائم على الانتقاء من جملة النحو العلمي ، وتجنب الإطالة والتعمق في ذكر القواعد ، والاستعانة على توضيح الموضوعات بالأمثلة والتقليل من الشواهد ، والوقوف عند حدود العلة التعليمية ، والتمييز بين المستويات التعليمية ..
وعلى الرغم مما تميزت به بعض المختصرات النحوية من مبادئ تربوية مفيدة في عصرها كانتقاء الموضوعات والتدرج في عرضها ، وترتيبها ، والوضوح في تحديد عناصرها ، وتهذيب مسائلها ، إلا أنه يمكن أن تؤخذ عليها - عموما - مجموعة من النقائص ، أهمها :
1 - اهتمامها بالنحو الإفرادي على حساب النحو التركيبي ، إذ يبدو النحو فيها نحو مفردات متناثرة ، لا نحو تراكيب وجمل وأساليب ..
2 - أمثلتها جافة ومصطنعة لا تعبر عن احتياجات المتعلم ، ولا تستجيب لمتطلبات عصره وبيئته .
3 - لم تكن ترمي إلى خلق المهارات الأساسية وتنميتها ( كالتعبير الشفوي والكتابي ) ، بل كانت تهدف إلى التحليل الإعرابي وتزويد المتعلم بمعلومات نظرية عن اللغة تهم السلامة اللغوية ، ولا تفيد التبليغ .
4 - طريقة تدريس هذه المتون والمختصرات التي يُقرئها أو يمليها المعلمون والنحاة تعتمد على الحفظ والاستظهار ، وتهمل الممارسة والاستعمال . ومعلوم أن حفظ الأبواب النحوية لا يعني دائما فهمها ، وحتى فهمها لا يضمن القدرة على استعمالها استعمالا صحيحا في الكلام أو الكتابة .
5 - هذا النوع من التأليف ( المختصرات ) لم يكن منظما بشكل يصلح مباشرة للتدريس ، حيث لم يبرأ من آثار الطابع الفلسفي النظري ، لا سيما عند النحاة المتأخرين الذين وقع عندهم خلط بين العلم والتعليم وبين تعليم النحو وتعليم اللغة . ولذا ، فإن المادة التعليمية الموجودة في بعض المختصرات مفيدة جدا ، ولكنها تحتاج إلى تكييف وترتيب وفق ما تقتضيه التربية الحديثة .
6 - أنها مختصرات صغيرة الحجم ، كثيفة من حيث المعلومات ، بعضها موجز ، مفرط في الإيجاز ، حتى كاد يعد من جملة الألغاز ( كألفية ابن مالك مثلا ) .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل اختصار النحو يعني التيسير ؟
إذا كان الاختصار يقصد منه التيسير ، فهو في جوهره غير التيسير ، قال ابن خلدون في فصل "أن الاختصارات الموضوعة في العلوم مخلة بالتحصيل " : » ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والأنحاء في العلوم ، يولعون بها ، ويدونون منها برنامجا مختصرا في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها باختصار في الألفاظ ، وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة ، وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيان ، فاختصروها تقريبا للحفظ كما فعل « ابن الحاجب » في الفقه وأصول الفقه ، وابن مالك في العربية (...) وهو فساد في التعليم ، وفيه إخلال بالتحصيل ، وذلك لأن فيه تخليطا على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم وهو لم يستعد لقبولها بعد ، وهو من سوء التعليم « . فالنحاة المتأخرون قصدوا إلى تسهيل الحفظ على المتعلمين ، فأركبوهم صعبا يقطعهم عن تحصيل الملكات (27) .
ولذا ، فإن التطويل مع التبسيط أفيد وأنفع تربويا من الاختصار والإيجاز مع الإبهام والتعقيد . فالتيسير - إذن - ليس اختصارا ، ولا هو حذف للشروح والتعليقات ، ولكنه عرض جديد لموضوعات النحو ، يتم من خلاله تحويل المادة الخام الجافة التي تتضمنها مختصرات النحو إلى مادة تربوية حية صالحة للاستهلاك .
5 - المحاولات الحديثة ونتائجها (28):
في ظل موجة الحداثة والمعاصرة التي اجتاحت الميادين المختلفة للعلوم والفنون ، شعر أهل العربية - في العصر الحديث - بضرورة تجديد النحو ، وإعادة النظر في تصنيفه من جديد . فقامت محاولات من أجل تحقيق هذا الغرض ، بعضها يهدف إلى التيسير والتبسيط ، وبعضها يهدف إلى الإصلاح والتجديد(29) وبعضها الآخر أخطأ الوجهة من البداية ، فانساق وراء موضة الحداثة والتجديد ليس إلا (30) .
وتعد محاولة « الأستاذ إبراهيم مصطفى » في كتابه « إحياء النحو » أولى المحاولات التي أرادت أن تستنهض الهمم للقيام بمحاولات تفتح أفقا جديدا في الدرس النحوي . ولقد بنى المؤلف أفكاره في إصلاح النحو وتجديده على فكرتين أساسيتين ، هما :
الأولى : مطالبته أن يتسع الدرس النحوي ، فيشمل دراسة أحكام نظم الكلام وأسرار تأليف العبارة (31) .
الثانية : مطالبته بإلغاء نظرية العامل واستئصال جذورها ، وما تستلزم من تقديرات وتأويلات تذهب بروح اللغة وجمال العبارة ، كما يزعم (32) .
وكانت الأصول الهامة التي بنى عليها تصنيفه الجديد ما يلي :
1 - ليست الحركات الإعرابية حكما لفظيا خالصا ، بل هي أعلام لمعانٍ ؛ فالضمة علم الإسناد ، والكسرة علم الإضافة ، أما الفتحة فليست بعلم إعراب ، وإنما هي الحركة الخفيفة المستحبة عند العرب التي يحبون أن يشكل بها آخر كل كلمة في الوصل ودرج الكلام ، فهي في العربية نظير السكون في لغتنا العامية (33) .
ويزعم إبراهيم مصطفى أنه بهذا الأصل جمع في باب واحد ما فرقه النحاة في أبواب متعددة ، فالمبتدأ والفاعل ونائب الفاعل باب واحد ؛ لأن كلا منها مسند إليه (34) .
2 - العلل لا تعمل ، وإنما المتكلم هو العامل (35) .
3 - ليست هناك علامات أصلية وعلامات فرعية (36) ... الخ .
لقد تعرضت هذه المحاولةإلى نقد كبير من قبل العلماء والباحثين الذين بينوا فساد الأصول التي انتهى إليها الباحث ، وعدم استقامة أحكامها ، واطرادها على كلام العرب . كما أثبتوا أن الأفكار التي زعم إبراهيم مصطفى أنها جديدة على الناس ليست كذلك ، فكثير من المسائل التي ذكرها ، وأجهد نفسه في الاحتجاج لها والبرهنة عليها أصلها للقدماء . وقد أورد العلماء من كلام النحاة ما يدل على أنهم سبقوه ، وقرروا ما قرره أو على الأقل فطنوا إلى ما فطن إليه ؛ ففكرة المتكلم هو الذي يحدث الإعراب فكرة ابن جني ( ت 392 هـ ) ، وفكرة إعراب الأسماء الستة بحركات ممطولة فكرة قالها المازني (ت 249) وفكرة الحركة الخفيفة عند الوصل ودرج الكلام هي لقطرب ( ت 206 ) ، وفكرة الرفع علم الفاعلية والجر علم الإضافة فكرة الزمخشري ( ت 538 ) ، وفكرة العمدة والفضلة فكرة الرضي ( ت 684 هـ) ، وصاحب فكرة إلغاء نظرية العامل هو ابن مضاء ( ت 592 ) (37) .
إلى جانب هذه المحاولة - التي اعتقد بعضهم (38) أنها رائدة في هذا المجال - نذكر محاولات أخرى، أهمها :
- ما أقدم عليه " الدكتور شوقي ضيف " عند تقديمه لكتاب " الرد على النحاة " لابن مضاء القرطبي (39) ، وكذلك في كتابيه " تجديد النحو " ، و"تيسير النحو التعليمي قديما وحديثا مع نهج تجديده". وعموما لقد انبنت محاولاته على التمسك بكثير من الأفكار التي ذكرها " ابن مضاء " . وإلى جانب إقراره بتلك الأفكار ، دعا د/ شوقي ضيف إلى :
1 - إعادة تنسيق أبواب النحو .
2 - إلغاء الإعرابين التقديري والمحلي ، وحذف أبواب كثيرة لها علاقة بهذا الباب .
3 - الإعراب لصحة النطق .
4 - وضع ضوابط وتعريفات دقيقة .
5 - حذف زوائد كثيرة .
6 - استكمالات لنواقص ضرورية .
وما يلاحظ على أعمال د/ شوقي ضيف أنه عالج فيها مسألة تيسير النحو معالجة نحوية محضة ، ولم يعالجها معالجة تعليمية ، فيستعين فيها بالمعطيات المكتشفة في حقل تعليمية اللغات .
- وكان من تلك المحاولات ، ما أقدم عليه " الدكتور تمام حسان " في كتابه " اللغة العربية معناها ومبناها " ؛ حيث أراد أن يؤسس لنظرية جديدة تغني - في زعمه - عن نظرية العامل التي لم تنجح المحاولات السابقة في هدمها . فكان من تجديده المزعوم " نظرية تظافر القرائن " (40) اللفظية والمعنوية ، فهي مسؤولة كلها عن أمن اللبس وعن وضوح المعنى ، ولا تعطي للعلامة الإعرابية من الاهتمام ما يجعلها أفضل القرائن . وللوصول إلى تحديد المعنى الوظيفي للكملة في الجملة ، يقترح د/ تمام حسان جملة من القرائن ؛ فمثلا للكشف عن معنى الفاعلية في جملة " ضرب زيدٌ عمرًا " لا بد من تحديد سبع قرائن (41) !!
صحيح أن العلامة الإعرابية هي قرينة من القرائن اللفظية ، لكنها القرينة الأساسية ، لا سيما عندما يكون الكلام غير ملبس ولا مبهم . والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو : أي المنهجين أفضل ؟ بل أي المنهجين أبسط وأسهل ؟ البحث عن تظافر القرائن المتشعبة أم البحث عن قرينة واحدة ( وهي الحركة الإعرابية ) ؟
إن الكشف عن قرينة التعليق - التي دعا إليها د/ تمام حسان - تفوق صعوبتها بكثير صعوبة الكشف عن الحركة . فالقرائن كثيرة جدا ، بحيث يبدو العامل النحوي مقارنة بها ألعوبة أطفال (42) .
- وكان منها كذلك ما أقدم عليه د/ مهدي المخزومي في كتابيه " في النحو العربي نقد وتوجيه" و" في النحو العربي قواعد وتطبيق " ، حيث يرى أن محاولات التيسير التي ظهرت في الكتب المدرسية حديثا لم تقدم شيئا جديدا ، والتيسير المنشود - في رأيه - لا يقوم على الاختصار ، ولا على حذف الشروح النحوية والتعليقات والحواشي التي تملأ بطون كتب النحو ، ولكنه ينبني على العرض الجديد لموضوعات النحو من خلال إصلاح شامل لمنهج الدرس النحوي وموضوعاته أصولا وفروعا (43) . وأهم هذه الإصلاحات ، وأولاها بالعناية - كما يزعم - تخليص النحو مما علق به من شوائب وفلسفة حملتها فكرة العامل ، تلك الفكرة التي زعم أنها حرفت النحو عن مساره ، فتحول شيئا فشيئا إلى درس ملفق غريب ، ليس فيه من سمات الدرس اللغوي إلا مظهره وشكله ، مما أصبح به النحو درسا في الجدل يعرض النحاة فيه قدراتهم على التحليل العقلي (44) .
لقد صرح د/ مهدي المخزومي بوضوح أكثر من مرة ، بأنه حاول في كتابيه أن يجدد موضوع الدرس النحوي ، وأن يعيد للنحو ما فقده بإبطال فكرة العامل ، إذ يقول : » فقد حاولت في هذه الفصول أن أخلص الدرس النحوي من سيطرة المنهج الفلسفي عليه ، وأن أسلب العامل النحوي قدرته على العمل ... وإذا بطلت فكرة العامل بطل كل ما عقّدوا من أبواب أساسها القول بالعامل كباب التنازع وباب الاشتغال (45) ، ثم بطل كل ما انتهوا إليه من أحكام «
(46) .
(46) .
لقد بالغ د/ مهدي المخزومي في نقده للاتجاه القديم في الدرس النحوي . فكل شيء - في زعمه - أسس على أصول غير سليمة ، وكل شيء تحدث عنه القدماء لا صلة له بالدرس اللغوي أو النحوي . فالأصول التي تأسس عليها النحو العربي - في نظره - ليست من النحو في شيء ، بل هي دخيلة غريبة عن مجال اللغة والنحو ، وليست الحركات في زعمه آثارا للعوامل ، ولكنها عوارض لغوية اقتضاها أسلوب العربية ، وليس في النحو عامل ، وكل ما بني على ذلك من أحكام ينهار ويزول (47) . وهذا غلو في تهوين ما قام به النحاة الأوائل .
وما يلاحظ على هذه الأفكار أن د/ مهدي المخزومي هو الآخر - كسابقيه - لا يفرق بين النحو العلمي ، الذي ينبغي أن يكون عميقا مجردا ، وبين النحو التربوي الخاص بالتعليم . وللإشارة ، فإن آراءه الجديدة ليست أصيلة ، فهي في مجملها صورة طبق الأصل لما جاء في كتاب " الرد على النحاة " لابن مضاء ، وكتاب " إحياء النحو " لأستاذه إبراهيم مصطفى ، مع شيء من الاحتجاج والتوسع والتمحل ؛ إذ نكاد نلحظ ذلك في جميع أبواب كتابيه تقريبا .
إلى جانب هذه العينة من المحاولات النظرية الحديثة التي استضاء بها المجددون والمصلحون في ميدان التيسير ، نذكر محاولة عملية للأستاذ " عبد المتعال الصعيدي " في آخر كتابه " النحو الجديد " (48) . فبعد دراسته التقييمية لخمس محاولات لتجديد النحو ، قدم بديلا غاية في الإيجاز ، في ثماني وعشرين صفحة ، قال عنه : » إن إخواني الأزهريين سيسرهم أن واحدا منهم وصل إلى هذا التجديد في النحو ، قبل أن يصل إليه غيرهم «
(49) .
(49) .
حاول الأستاذ الصعيدي أن يرتب أبواب النحو ترتيبا جديدا ، غير أنه لا يتعدى الشكل ، » وكان من مظاهر تجديده المزعوم : تقسميه الفعل إلى قياسي وسماعي (50) ، وإغفاله تقسيم الكلمة إلى معرب ومبني ، ولكنه حين حاول التيسير في جزئيات الأبواب عرض للمبتدأ ، فجعله ثلاثة أنواع : مبتدأ مرفوع ومبتدأ منصوب ، ومبتدأ يرفع وينصب (51) ، ولم يكن المبتدأ في النحو القديم إلا نوعا واحدا . هذا إلى ما اتسمت به محاولته من إيجاز مبالغ فيه ، كأن الغرض من التجديد إخراج نحو غاية في الإيجاز ! أو كأن الغاية منه هي الإبداع في إخراج أوجز المتون «
(52) .
(52) .
لا شك أن البحث في تيسير النحو وتعليم العربية كالبحث في قطاع من قطاعات المعرفة ، لا يمكن أن يرقى إلى المستوى المطلوب إلا إذا تحول من مستوى الجهد الفردي إلى المستوى الجماعي . ومن الجهود الجماعية التي بذلت لحل مسألة القواعد وتدريسها الإسهامات المجمعية ؛ ففي أعمال مجمع اللغة العربية والمجامع العلمية الإقليمية عشرات من القرارات التي تتعلق بتيسير مادة النحو ، إلا أنها لم تحظ بالنجاح على الرغم من اشتمالها على جملة من القرارات الصالحة للبحث والتمحيص . ويجد المتتبع لهذه الأعمال في الخمسين سنة الماضية أن قراراتها موجزة ، تحتاج إلى دراسة مفصلة ، وتجربة ميدانية واسعة النطاق في أكثر من بلد عربي ، للاستطلاع على النتائج التي تؤدي إلى إقرارها في البرامج أو تعديلها أو العدول عنها نهائيا .
أضف إلى ذلك أن هذه القرارات تعرضت لكثير من الخلاف وعدم الاستقرار ، وحدث فيها تغييرات وتبديلات كثيرة . فثمة قرارات تقرر في فترة من الفترات ، ثم يعدل عن بعضها في فترة أخرى(53).
6 - لماذا لم تنجح هذه المحاولات ؟ :
بعد عرض موجز لنماذج من المحاولات النظرية والتطبيقية التي أنجزها اللغويون لحل مسألة القواعد النحوية وتدريسها ، نطرح الأسئلة الآتية : هل استطاعت المحاولات الحديثة (54) أن تقرب النحو من عقل التلميذ ليفهمه ويسيغه ويتمثله ، ويجري عليه تفكيره إذا فكر ، ولسانه إذا تكلم ، وقلمه إذا كتب ؟ وهل فعلت شيئا يعيد للنحو التعليمي حيويته ، ويشيع فيه قوة تحبب إلى التلاميذ درسه ومدارسته ؟ وما مقدار التجديد في تلك المحاولات ؟ بل ما هو المفيد الذي يمكن استثماره في تعليمية مادة النحو (didactique de la grammaire ) خاصة ، والعربية عامة ؟
يرى بعض الدارسين أن »محاولات التيسير التي ظهرت في الكتب المدرسية حديثا لم تقدم جديدا، ولم تفعل شيئا يعيد للنحو حيويته ؛ لأنها لم تصصح وضعا ، ولم تجدد منهجا ، ولم تأت بجديد إلا إصلاحا في المظهر ، وأناقة في الإخراج . أما القواعد فقد بقيت على حالها كما ورثناها ، حتى الأمثلة لم يصبها من التجديد إلا نصيب ضئيل «
(55) . وهو رأي فيه شيء من المبالغة في توهين الجهود التي بذلها اللغويون والمربون لحل مسألة القواعد . وكذلك فيه جانب كبير من الحقيقة ، لأن الواقع الذي هو عليه المادة النحوية في الكتب والمقررات التعليمية يؤكد فشل جل محاولات الإصلاح والتجديد ، إن لم نقل كلها . فتلك المحاولات سلكت طريقا مسدودة ، واستنفذت جهودها في أرض بور ، فكانت النتيجة العملية صفرا أو قريبة من الصفر .
(55) . وهو رأي فيه شيء من المبالغة في توهين الجهود التي بذلها اللغويون والمربون لحل مسألة القواعد . وكذلك فيه جانب كبير من الحقيقة ، لأن الواقع الذي هو عليه المادة النحوية في الكتب والمقررات التعليمية يؤكد فشل جل محاولات الإصلاح والتجديد ، إن لم نقل كلها . فتلك المحاولات سلكت طريقا مسدودة ، واستنفذت جهودها في أرض بور ، فكانت النتيجة العملية صفرا أو قريبة من الصفر .
إن توجه كل محاولة لتيسير النحو يتأسس على نوع الفكرة التي يحملها الدارسون حول مفهوم التيسير بمعنى أن التصورات التي يحملها الميسرون حول مفهوم التيسير تؤثر سلبا وإيجابا في جانبه الإجرائي (56) . وعليه ، فإن انطلاق المجددين والمصلحين من مفاهيم وتصورات قاصرة عن فكرة التيسير أدى إلى اقتراح بدائل مشوهة أو خاطئة أو ناقصة .
وما يلاحظ على كل تلك المحاولات أنها لم تدرس أزمة النحو التربوي في ظل التعليمية ( علم التدريس ( la didactique ؛ أي أنها لم تبحث عن حل لهذه المسألة - وهي فرع من فروع اللغة - في إطار دراسة تسهيل تعليم وتعلم اللغة ككل ، وأنها في تيسيرها للنحو وقع عندما خلط بين النحو العلمي التحليلي المجرد ، والنحو التعليمي الوظيفي . والأغراب من ذلك كله أنها أرجعت مسألة تعقد القواعد إلى المادة النحوية في حد ذاتها ، ولم تشر إلى الطريقة ، هذا مع العلم أن جوهر المشكلة هو الطريقة التي يعرض بها النحو على المتعلمين . فلغتنا العربية غير مخدومة تربويا ، وطرائق تدريسها متخلفة جدا وغير علمية .
إن التيسير لا يعني استبدال مصطلح نحوي مبهم بآخر جلي واضح ، أو بتعويض تعريف معقد بآخر سهل مبسط ، أو بإعداد مقررات مختصرة عوضا عن المقررات الطويلة المكثفة ، أو بحذف أجزاء من النحو والإبقاء على أجزاء أخرى .... إنما التيسير هو :
أولا : انتقاء علمي للمادة النحوية ، يتضمن تأملا وتفكيرا في طبيعة هذه المادة المدرسة ، وكذلك في طبيعة وغايات تدريسها ، ثم إعدادا لفرضياتها الخصوصية ، انطلاقا من المعطيات المتجددة والمتنوعة باستمرار في اللسانيات وعلم النفس وعلم الاجتماع والبيداغوجيا ... الخ (57) .
ثانيا : عرض جديد لموضوعات النحو ، وترسيخ لها بطرق حية جذابة فيها إبداع وابتكار ، وعلى هذا ينبغي أن تنصب جهود التيسير .
والنتيجة التي نخلص إليها من خلال فشل جميع محاولات التيسير - المذكورة آنفا - أن أزمة النحو التي تشكلت في الميدان التربوي ، من الصعب حلها بنجاعة بعيدا عن الحقائق التي أثبتها المختصون في حقل التعليمية .
7 - في ديداكتيك النحو :
ظهرت التعليمية ( علم التدريس ) في بعض مراكز البحث العلمي كتخصص جديد يعمل على نقل تدريس المواد التعليمية من صبغته الفنية التي تعتمد على مواهب المدرسين واجتهاداتهم وتجاربهم الفردية ، ليكسبه طابعا علميا تحليليا . إن نضج البحث الديداكتيكي واستوائه كتخصص علمي مستقل ، اكتسب من خلال نتائجه وضعية النشاط العلمي التحليلي المعقلن ، بعد رفضه للاتباعية القائمة على التقليد الأعمى للطرائق والمناهج الفلسفية التي كانت البيداغوجيا تفرضها على المشتغلين بالتدريس .
ومن أهم الحقائق التي أثبتها العلماء والباحثون في تعليمية مادة النحو ، ما يلي :
أ - المتعلم وتحليل الاحتياجات :
يعد تحليل احتياجات المتعلمين - في التعليمية الحديثة - خطوة أساسية ومرحلة أولية لا بد منها . فتحديد محتوى التدريس تحديدا علميا لا يكون بتحليل المادة التعليمية فحسب ، بل يتعداها إلى تحليل جمهور المتعلمين وقدراتهم واستعداداتهم وأهدافهم ، والأهم من ذلك كله تحليل احتياجاتهم اللغوية (les besoins langagiers) . فتدريس النحو ، بل اللغة بشكل عام إلى س و ع ( زيد وعمرو ) يقتضي قبل كل شيء معرفة من هو (س) ومن هو (ع) ، وماذا يريد كل منهما أن يتعلم من اللغة ؟ ولماذا ؟ (58).
وبناء على هذا ، فإن تحديد الأهداف التعليمية ومحتوى التدريس والطريقة التي يعرض بها ذلك المحتوى يستلزم تحديدا أوليا لمركز الاهتمام وبؤرة العلمية التعليمية ، ألا وهو المتعلم . والشكل البياني التالي يوضح هذا الاقتراح (59) :
الهدف المحتوى
المتعلم
التقييم الطريقة
ب - الانتقاء والترتيب والعرض :
تؤكد التعليمية على أن الانتقاء الموضوعي والجيد لمحتوى التدريس كما وكيفا لا يصنع ، بل لا يضمن تعليما جيدا لتلك المادة ؛ لأن الاختيار العلمي خطوة مهمة لا بد منها ، ولكن الأهم من ذلك هو طريقة عرض ذلك المحتوى على المتعلم وترسيخه في ذهنه ، بعد توزيعه على المستويات المختلفة والدروس، وإعطائه صبغة التدرج المناسب الذي يتقدم المتعلم على أساسه في مسيرة التعلم (60) .
ج - نوعية النحو :
حاليا ، تميز التعليمية بين مستويين من النحو : النحو كعلم والنحو كتعليم . فالنحو العلمي شيء والنحو التعليمي شيء آخر . وليس الغرض من تدريس المستوى الأخير إخراج جميع التلاميذ علماء في علم النحو أو اللسانيات (61) ، ولكن الهدف من ذلك إكساب المتعلم السلامة اللغوية إلى جانب التلقائية في التعبير ( أي الملكة اللغوية والملكة التواصلية ) .
د - الطريقة :
بدهي أن تدريس النحو في زمان يتلقى فيه الناشئة والمتعلمون العربية تعلما وصناعة ، لا طبعا واكتسابا مفيد جدا ، لكن لا كقواعد نظرية تحفظ عن ظهر قلب مطردها وشاذها ، بل كمثل وأنماط بنوية ، تكتسب بالدربة والمران ؛ لأن معرفة معلومات نظرية عن اللغة ليست هي الأمر الهام ، وإنما الهام هو مراعاتها واستعمالها . بناء على هذا الكلام ، فإن التعليمية تميز بين طريقتين (62) :
1 - القواعد الصريحة المباشرة (grammaire explicite) : وتتضمن عرضا مباشرا للقوانين التي تقوم عليها التراكيب والجمل .
2 - القواعد الضمنية (grammaire implicite)
(63) : التي تخلو من العرض المباشر لأي قوانين . وفي ظل الاتجاه الوظيفي التواصلي ، يرى بعض الدارسين أن القواعد الضمنية والقواعد الصريحة ضرورية في تعليم اللغات في جمبع المراحل . والرسم البياني الآتي يوضح ذلك (64) :
(63) : التي تخلو من العرض المباشر لأي قوانين . وفي ظل الاتجاه الوظيفي التواصلي ، يرى بعض الدارسين أن القواعد الضمنية والقواعد الصريحة ضرورية في تعليم اللغات في جمبع المراحل . والرسم البياني الآتي يوضح ذلك (64) :
المستوى المبتدئ المتوسط المتقدم
الـــــوظائـــــف اللغـــويــــــــــــــة
القواعــــــــــــد اللغــويــــــــــــــة
نحو ضمني ( وظائف لغوية )
نحو صريح ( معلومات نظرية )
غير أن الاقتصاد في الوقت والجهد يقتضي تقديم المرحلة الضمنية على المرحلة الصريحة .
هـ - نظام الوحدة التعليمية بدل الدرس :
يرى المختصون في التعليمية أن منهج تدريس اللغة ينبغي أن يكون مبنيا على شكل وحدات تعليمية (unités didactiques) متكاملة يرتبط فيها النحو بالنصوص والقراءة، ومن خلالها يتم تعليم التعبير الشفوي والكتابي. ومن غير المعقول أن تدرس اللغة في مراحلها الأولى - وهي مهارات وعناصر متكاملة - في صورة مواد دراسية مجزأة ومنفصلة ، تضطر المعلم إلى فتح نافذة إضافية أو ملف جديد للنحو !
(65) .
(65) .
فالطريق الطبيعي لاكتساب اللغة هي اللغة ذاتها ، وليس النحو . ومتى كان النحو طريقا إلى اكتساب اللغة ؟!
و - تعليمية النحو والوسائل البيداغوجية :
من أهم الوسائل البيداغوجية التي تقترحها - حاليا - التعليمية على المشتغلين بتدريس اللغة عامة والنحو خاصة التمارين البنوية (les exercices structuraux) والمشجرات (les arbres) .
أما التمارين البنوية ، فهي تقنية جديدة (66) نشأت في ظل مدرستين : مدرسة لسانية وصفية ( البنوية ) ، وأخرى سلوكية نفسية (behaviorisme) كرد فعل على إفراط المعلمين والمربين في الشروح النحوية النظرية عند تعليمهم للغة (67) .
وأما المشجرات ، فإن الهدف منها هو رسم التركيب الباطني المستتر للجملة ، وهو رسم تجريدي أفضل من الإعراب ، يمثل البنية التركيبية للجملة ، ويساعد المتعلم على تصور هيئات التركيب في يسر وبساطة . وتتبين هذه القواعد من خلال الصورة التالية (68) :
ج جملة
م ف (مركب فعلي) م إ ( مركب اسمي )
ف (فعل) م إ (مركب اسمي) تع إ صف (صفة)
ف م فع تعر إ (اسم) تعر إ
فعل ماض (فعل) تعريف
ز فتح ال رئيس ال مؤتمر ال لساني
فهذا التركيب المشجر يعين التلميذ على إدراك الوحدات المكونة للجملة ، دون حاجة إلى حشو دماغه بمصطلحات وتعريفات مجردة .
- خاتمة :
والنتيجة التي نخلص إليها من هذه الدراسة أن تيسير النحو نوع من الترف الفكري ، وموضة عابرة تجاوزها الزمان . أما تيسير تعليم النحو - في إطار تيسير تدريس اللغات ككل - ضرورة ملحة تقتضيها حاجات الناس في كل زمان . ولذا ، فإن جوهر التيسير ينبغي أن يقوم على الطريقة .
وإن أفضل طريقة تقترحها الديداكتيك على المعلم هي تلك التي يستخلصها هو بصياغته الشخصية واختياره ومراجعته لها . ومن المؤكد أنه لا يستطيع أن يعلم تعليما فعالا ، وأن يختار اختيارا ناجعا دون فهم الأوضاع النظرية المتنوعة . فذلك هو الأساس الذي يمكنه من أن يتنخل من التنوعات النظرية الكثيرة بدل أن يستسلم لإغراء أي اختيار عشوائي متعجل ، فيصبح دمية دون تحكم ذاتي (69) .
إن القدرة على التنخل والتحكم في الاختيار تتطلب نموذجا جديدا من المعلمين الذين يدركون جيدا أن كل متعلم شخص فريد ، وكل معلم شخص فريد كذلك ، وكل محتوى تعليمي مادة فريدة ، وكل علاقة بين معلم ومتعلم علاقة فريدة ... ومهمته أن يفهم خصائص هذه العلاقات . هذا النوع من المعلمين أطلق عليه بعضهم (70) اسم المعلم الباحث (l'enseignant chercheur) ، الذي يظل في ذهاب وإياب بين التنظير والتطبيق ، فيكون قادرا على الاكتشاف والإبداع ؛ يدرس ، ويقيم ، ويعدل ، ويضيف ويحذف ويكتشف ويجدد باستمرار .
والسؤال الذي يطرح نفسه في الأخير : هل يمكن - لا أقول صنع هذا المعلم المثالي ، ولكن - توفير الشروط الموضوعية التي تساعد على ظهوره (71) ، أو ظهور ما يشبهه ؟
- الهوامش والمراجع :
1 - استوحيت هذا العنوان من كتاب " تحديث النحو ، موضة أم ضرورة " لأحمد خالد .
2 - هـ . دوقلاس براون ، أسس تعلم اللغة وتعليمها ، ترجمة د/ عبده الراجحي ود/ علي علي أحمد شعبان ، دار النهضة العربية ، بيروت 1994 ، ص 33 .
3 - نذكر على سبيل المثال الندوتين العلميتين الآتيتين :
- اجتماع خبراء متخصصين في اللغة العربية لتحديد مشكلات تدريسها في التعليم العام بالبلاد العربية ، وترتيب أولوياتها ، واقتراح خطط لبحثها ، نظمتها إدارة التربية بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، بعمان عام 1974 .
- ندوة تيسير تعليم النحو ، نظمها اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية بالجزائر عام 1976 .
4 - انظر المحاولات العملية ونتائجها في كتاب " تطوير مناهج تعليم القواعد النحوية وأساليب التعبير في مراحل التعليم العام في الوطن العربي ، د/ محمود أحمد السيد ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس 1987 ، ص 50 - 65 .
5 - قال ابن خلدون في هذا الشأن : » ... وعلى قدر جودة التعليم ، وملكة المعلم ، يكون حذق المتعلم في الصناعة وحصول الملكة « المقدمة ، ج 2 ، الدار التونسية للنشر - المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ،
ص 482 .
6 - يقول ابن خلدون في هذه النقطة : » اعلم أنه مما أضر بالناس في تحصيل العلم والوقوف على غاياته كثرة التآليف واختلاف الاصطلاحات في التعليم وتعدد طرقها ، ثم مطالبة المتعلم والتلميذ باستحضار ذلك ...« المقدمة ، ج 2 ، ص 690 .
7 - لاحظت لجنة تيسير اللغة العربية التي ألفت عام 1938 بقرار وزارة المعارف بمصر ، والمشكلة من الأعضاء الآتية أسماؤهم : د/ طه حسين ، أحمد أمين ، إبراهيم مصطفى ، علي الجارم ، محمد أبي بكر إبراهيم ، عبد المجيد الشافعي ، أن أهم ما يعسر النحو على المعلمين والمتعلمين ثلاثة أشياء :
1 - فلسفة حملت القدماء على أن يفترضوا ويعللوا ، أو يسرفوا في الافتراض والتعليل .
2 - إسراف في القواعد نشأ عنه إسراف في الاصطلاحات .
3 - إمعان في التعمق باعد بين النحو والأدب .
والغريب أن هذه اللجنة لم تميز بين النحو العلمي الأصيل والنحو المتأخر ، بل تحدثت عنه وكأنه طبقة واحدة . والأغرب من ذلك أن هذه اللجنة أرجعت مسألة تعقد النحو إلى المادة النحوية في حد ذاتها مع العلم أن الجانب الأكبر من المشكلة يكمن في الطريقة التي يعرض بها النحو على المتعلمين .
8 - عباس حسن ، النحو الوافي ، ج 1 ، دار المعارف ، ط 9 ، القاهرة ، 1987 ، ص 4 - 5 .
9 - انظر مقدمة كتاب : النحو الوظيفي ، عبد العليم إبراهيم ، دار المعارف ، ط 8 ، القاهرة 1996 .
- د/ عيسى الشريفوني ، اعتبارات نظرية وتطبيقية في تدريس القواعد لمتعلمي العربية من غير الناطقين بها ، المجلد 18 ، العدد 2 ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس 1998 .
10 - يميز المختصون في علم تدريس اللغات بين مصطلحين هما : التعلم (apprentissage) والاكتساب (acquisition) . فالتعلم يتم - عادة - عن طريق نظام مدرسي يتميز بمحيط مصطنع ( غير عفوي ) كما يتميز بقلة الوقت والمعلمين . أما الاكتساب فهو عملية تتم بشكل تلقائي ، بدافعية طبيعية ، وفي بيئة عفوية هي المجتمع . فالطفل يكتسب لغة المنشأ في بيئته الأصلية ، يتم ذلك في أغلب ساعات النهار مع عدد كبير من المعلمين منهم الأب والأم والإخوة ... الخ . وهذا هو معنى ما يقوله القدماء من أن اللغة للعرب بالطبع . انظر مصطلحي (apprentissage) و (acquisition) في معجم :
R. Galisson / D. Coste , dictionnaire de didactique des langues , Hachette Paris 1976 .
11 - لقد طبقت هذه الدراسات على نحو اللغات الأجنبية فنجحت في تيسيره إلى حد كبير . وعليه ، لقد حان الوقت لأن يستنير معلم اللغة العربية بما تمده به اللسانيات وإن اطلاعه على ما يثبته اللسانيون باستمرار في حقل تخصصهم واجب حتمي للارتقاء بالتعليمية ، وليس من قبيل الترف .
12 - يقول العقاد وهو يرد على دعاة التجديد : » من علامات الانحراف البعيدة عن الوجهة أن يحسب المجددون أنهم ينتهون يوما إلى لغة خالية من القواعد والأصول ، أو أن تفسر حملة التيسير هذه على أنها دعوة لانسلاخ اللغة من قواعدها . فالفرق واضح بين التيسير والتهديم الذي يدعو إليه من لا يرى في قواعد اللغة العربية ونحوها إلا عبئا في سبيل الانطلاق الفكري والإبداع الأدبي « انظر : أشتات مجتمعات في اللغة والأدب ، دار المعارف ، ط 8 ، القاهرة 1970 ، ص 51 .
13 - د/ عبد الرحمن الحاج صالح ، أثر اللسانيات في النهوض بمستوى مدرسي اللغة العربية ، مجلة اللسانيات ، العدد الرابع ، الجزائر 1973 / 1974 ، ص 22 - 23 .
14 - المرجع نفسه ، ص 22 .
15 - فمن الفضول الذي لا خير فيه أن يتعمق من كانت هذه غايته - في جزئيات النحو - وأن يتورط أو يورط في شعاب أصوله وقضاياه . ويبقى النحو العلمي بمطولاته وشروحه وحواشيه ، بقديمه وحديثه ، بتاريخه وطبقاته موضوع الدرس والتخصص في المعاهد والكليات والمجامع .
16 - للمزيد من المعلومات حول هذين المستويين : النحو العلمي التخصصي والنحو التعليمي التربوي ، انظر : د/ محمود فهمي حجازي ، البحث اللغوي ، مكتبة غريب ، ص 142 / 145 . وكذلك عبد العليم إبراهيم ، النحو الوظيفي ، ص : هـ ، و ، ز .
17 - عبد العليم إبراهيم ، الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية ، دار المعارف ، ط 13 ، القاهرة ، ص 203.
18 - ابن خلدون ، المقدمة ، ج 2 ، ص 729 .
19 - عبد العليم إبراهيم ، الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية ، ص 204 .
20 - ابن جني ، الخصائص ، تحقيق محمد علي النجار ، ج 1 ، دار الكتاب العربي بيروت ( د.ت ) ، ص 34 .
21 - ابن خلدون ، المقدمة ، ج 2 ، ص 731 .
* إن معرفة القواعد ليست هي الأمر الهام ، وإنما الهام هو مراعاتها ، والنحو لا يملك الوسيلة إلى خلق الكاتب الجيد ، كما أنه لا يخلق قواعد الكلام ، ولكنه يكتشفها ويصوغها ويشرحها . ومن الأمور المتفق عليها أن السلامة اللغوية هي الصفة الضرورية الأولى لكل ما يكتب . د/ محمود أحمد السيد ، تطوير مناهج تعليم القواعد النحوية وأساليب التعبير في مراحل التعليم العام في الوطن العربي ، ص41/42.
22 - اللسنيات التطبيقية (linguistique appliquée) : اختصاص حديث ، قائم بذاته ، بعد أن كان فرعا من اللسانيات العامة . فهو علم ذو أنظمة علمية متعددة ، يستثمر نتائجه في تحديد المشكلات اللغوية ، وفي وضع الحلول المناسبة لها . ومعلوم أن اللسانيات العامة تشكل مصدرا مهما لها إلى جانب مصادر أخرى ، هي : علم الأصوات ، علم النفس ، علم الاجتماع ، علم الأعصاب ، علم التشريح ... وهي بهذا تفتح آفاقا جديدة للبحث لم تكن معروفة من قبل . فكان من نتائجها أن طرق العلماء مجالات في النشاط اللغوي الإنساني كانت مجهولة أو شبه مجهولة ، مثل : تعليم اللغة الأولى والأجنبية ، التعدد اللغوي التخطيط اللغوي ، علاج أمراض الكلام ، الترجمة الآلية ، صناعة المعاجم ، التحليل الإعلامي للنصوص ، اللسانيات الحاسوبية ، التقابل اللغوي ... الخ . انظر المصطلح في كتاب :
Dominique Maingueneau , aborder la linguistique , ed du Seuil Paris 1996 .
23 - تعليمية اللغات أو علم تدريس اللغات (didactique des langues) : فرع من اللسانيات التطبيقية يهتم بتدريس اللغات الحية بطرق علمية ، حاليا يطمح هذا الفرع إلى الاستقلالية . يستعين على حل مشكلاته التربوية باللسانيات التطبيقية في تحديد المادة اللغوية المدرسة ( صيغ ، وتراكيب ... ) كما وكيفا كما يستفيد من علم مناهج تدريس اللغات في تحديد الطريقة التعليمية بعد تحديد طبيعة المتعلمين وأهدافهم وحاجاتهم ... انظر مصطلح didactique في معجم :
R. Galisson / D. Coste , dictionnaire de didactique des langues .
24 - أول محاولة عملية تشير إليها البحوث في هذا الميدان هي محاولة خلف بن حيان الأحمر البصري (ت 180 هـ ) ألف رسالة عنوانها " مقدمة في النحو " . وهي رسالة مشكوك في نسبتها ؛ لأن خلفا قديم ولا يعرف كنحوي . ثم إن أسلوب المقدمة الذي مهد به للحديث عن الأبواب المقترحة ، هو أسلوب جيل النحاة من مدرسة ابن السراج ( ت 316 هـ ) وزملائه . هذه الرسالة طبعتها مديرية إحياء التراث القديم بوزارة الثقافة السورية سنة 1961 .
25 - كشفت لنا عملية الإحصاء وجود أكثر من أربعين متنا بعنوان مختصر في النحو ، وأكثر من عشرة كتب بعنوان الموجز أو الوجيز في النحو ، وأكثر من عشرين رسالة بعنوان مقدمة في النحو أو في علم النحو ، وأكثر من خمسة مصنفات بعنوان المدخل إلى النحو . انظر :
د/ علي أبو المكارم : - النحو التعليمي في خمسة قرون ، بحوث لغوية وأدبية ، جامعة أم القرى مكة ، السعودية 1986 .
- النحو التعليمي حتى منتصف ق 9 هـ ، مجلة معهد اللغة العربية ، العدد 2 جامعة أن القرى ، مكة ، السعودية 1984 .
26 - مصطلح تيسير أو تجديد أو إصلاح مصطلحات غريبة عنهم ، لم تكن موجودة في زمانهم ، على الرغم من وعيهم التام بالمشكلة من الناحية التربوية .
27 - ابن خلدون ، المقدمة ، ج 2 ، ص 695 .
28 - للإشارة ، فإن كل محاولة من المحاولات التي عرضتها تحتاج إلى دراسة خاصة ، وقد حاولت أن أطلع القارئ على جوهر الفكرة المقترحة في هذه المحاولات باختصار غير مخل .
29 - هناك فرق بين المصطلحات التالية : تيسير وتبسيط ، وبين إصلاح وتجديد ؛ فالتيسير يعني تبسيط الصورة التي يعرض بها النحو على المتعلم . أما الإصلاح والتجديد فيعني محاولة التغيير الجذري في الأصول التي قام عليها النحو العربي .
30 - خير من يمثل هذه الفئة دعاة الإصلاح ، وأصحاب الدعوات التي كانت تهدف إلى تقويض دعائم الفصحى وإزالة ركن أساس من أركانها وهو الإعراب . نذكر منهم على سبيل المثال : أنيس فريحة ، وقاسم أمين ، وسلامة موسى ، ولطفي السيد ، وهؤلاء لهم أقوال في التيسير وليس لهم بحوث وأعمال علمية أو ميدانية تتأسس عليها دعوتهم ... انظر :
د/ أحمد سليمان ياقوت ، ظاهرة الإعراب في النحو العربي وتطبيقاتها في القرآن الكريم ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1983 ، ص 37 - 40 .
31 - إبراهيم مصطفى ، إحياء النحو ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة 1959 ، ص 1 .
32 - المرجع نفسه ، ص 194 - 195 .
33 - المرجع نفسه ، ص : و ، ز .
34 - ما ذهب إليه في باب المرفوعات تظل قاعدته غير مطردة في باب " إن " والمنادى . فهناك منصوب ومع ذلك فهو مسند إليه ، وهو اسم إن ، وهناك مرفوع وليس بمسند إليه كالمنادى مثلا في بعض أحواله.
35 - المرجع السابق نفسه ، ص 22 - 33 .
36 - المرجع نفسه ، ص 111 - 113 .
37 - محمد أحمد عرفة ، النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة ، مطبعة السعادة ، القاهرة ( د . ت ) . ويعد هذا الكتاب من أهم الكتب التي ردت على إبراهيم مصطفى ردا علميا .
38 - د/ مهدي المخزومي ، مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو ، دار الرائد العربي ، ط 3 ، بيروت 1986 ، ص 400 - 402 .
39 - يعتقد بعض الدارسين أن السبب غير المباشر للثورة على النحو العربي عند بعض المحدثين هو د/ شوقي ضيف ؛ لأنه عرف بكتاب ابن مضاء في وقت تقليدي ، فبدا للناس وكأنه المنقذ .
40 - ومعناها عند د/ تمام حسان أنه لايمكن لظاهرة واحدة أن تدل بمفردها على معنى بعينه ، ولو حدث ذلك لكان عدد القرائن بعدد المعاني النحوية . انظر اللغة العربية معناها ومبناها ، دار الثقافة ، الدار البيضاء ، المغرب ، ( د . ت ) ، ص 193 - 194 .
41 - المرجع نفسه ، ص 181 .
42 - تدخل تحت كل قرينة معنوية كبرى قرائن معنوية صغرى ، فمثلا قرينة التخصيص تحتوي على تسع قرائن ، وقرينة النسبة تضم تسعا وعشرين قرينة فرعية ، انظر المرجع نفسه ، ص 190 .
43 - د/ مهدي المخزومي ، في النحو العربي نقد وتوجيه ، دار الرائد العربي ، ط 2 ، بيروت لبنان ، 1986 ، ص 15 .
44 - المرجع نفسه ، ص 14 - 15 .
45 - إذا درّس المعلم بابي التنازع والاشتغال على شكل حدود وتعريفات مجردة فهو غير مفيد ، ولكن إذا درس هذين البابين على شكل أمثلة ونماذج فهي مفيدة جدا . أين هي المشكلة عندما نطلب من التلميذ أن يحاكي الجملتين الآتيتين ( وقف وتكلم الخطيب - الطالبَ علمته ) ؟ فينشئ على غرارهما جملا عديدة
46 - د/ مهدي المخزومي ، في النحو العربي نقد وتوجيه ، ص 16 .
47 - د/ مهدي المخزومي ، في النحو العربي قواعد وتطبيق ، دار الرائد العربي ، بيروت لبنان ، ص 229 - 232 .
48 - انظر مثلا باب : الرفع والنصب والخفض في المرجع السابق نفسه .
49 - عبد المتعال الصعيدي ، النحو الجديد ، دار الفكر العربي ، القاهرة ( د . ت ) ، ص 267 .
50 - المرجع نفسه ، ص 239 .
51 - المرجع نفسه ، ص 249 - 251 .
52 - د/ مهدي المخزومي ، مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة ، ص 399 - 400 .
53 - للمزيد من المعلومات حول أعمال المجامع ، أنظر :
- مجموعة القرارات العلمية في خمسين عاما ، محمد شوقي أمين وإبراهيم الترزي ، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ، القاهرة 1984 .
- د/ شوقي ضيف ، تيسير تعليم النحو قديما وحديثا ، مع نهج تجديده ، ص 39 - 48 .
54 - واضح أن التصور الحديث لمشكلة تبسيط النحو تختلف تماما عن التصور القديم .
55 - د/ مهدي المخزومي ، في النحو العربي نقد وتوجيه ، ص 15 .
56 - يرى ويليام فرنسيس ماكي (W.F. Mackey) الباحث اللساني المعروف أن توجه كل طريقة لتعليم اللغات ، وأسلوب تعليم لغة معينة يتأسسان على نوع الفكرة التي يملكها الدارسون عنها . فإذا كانت إحدى الطرق مستوحاة من فكرة أن اللغة عبارة عن لائحة من الكلمات ، فإنها لن تكون بالطبع متشابهة مع طريقة مستوحاة من فكرة أن اللغة عبارة عن نظام . انظر :
W.F. Mackey , Principes de didactique analytique , analyse scientifique de l'enseignement des langues , trad Lorme laforge , Paris Didier 1972 , P. 19 .
57 - من البيداغوجية إلى الديداكتيك ، دراسة وترجمة د/ رشيد بناني ، الحوار الأكاديمي والجامعي ، ط 1 الدار البيضاء ، 1991 ، ص 39 .
58 - H. Besse / R. Galisson, Polémiques en didactique, CLE international Paris 1980, p.54 - 77
59 - محمد صاري ، التمارين اللغوية ، دراسة تحليلية نقدية ، رسالة ماجستير مخطوط ، جامعة عنابة ، الجزائر 1991 ، ص 31 .
60 - د/ عيسى الشريفوني ، اعتبارات نظرية وتطبيقية في تدريس القواعد لمتعلمي العربية من غير الناطقين بها ، المجلد 18 ، العدد 2 ، 1998 ، ص 47 .
61 - د/ عبد الرحمن الحاج صالح ، الأسس العلمية واللغوية لبناء مناهج اللغة العربية في التعليم ما قبل الجامعي ، مجلة اللغة العربية ، المجلس الأعلى للغة العربية ، العدد 03 ، الجزائر 2000 ، ص 118 .
62 - F. François, l'enseignement et la diversité des grammaires, Hachette, Paris 1974, p. 198 - 202
63 - يتمثل هذا النموذج المثالي في اكتساب الطفل لغة المنشأ مع جهله التام بالقواعد ، ومع أن بعض طرائق تعليم اللغات تحاول أن تستثمر هذا النموذج في تعليم اللغة للناطقين ولغير الناطقين بها ، إلا أنها لا يمكن أن تعيد صورة ذلك التعلم بحذافيره - وخاصة عند الكبار - فهناك موانع تطورية ، وذهنية ، ونفسية وعملية ... تحول دون ذلك . د/ عيسى الشريفوني ، المرجع السابق ، ص 46 .
64 - د/ نايف خرما ود/ علي حجاج ، اللغات الأجنبية تعليمها وتعلمها ، عالم المعرفة ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت 1988 ، ص 242 - 243 .
65 - انظر مصطلح (Unité didactique) في معجم :
R. Galisson / D. Coste , dictionnaire de didactique des langues .
66 - طبعا جديدة بالنسبة إلينا ؛ لأن المرحلة البنوية ( النحو البنوي ) التي تجاوزها غيرنا إلى نحو الخطاب ما زالت مجهولة عند أغلب معلمي اللغة العربية .
67 - للاطلاع على هذه التمارين ، انظر :
P. Delattre , les exercices structuraux pouquoi faire ? Hachette , Paris 1971 .
68 - د/ عبد الرحمن الحاج صالح ، النظريات النحوية والدلالية في اللسانيات التحويلية والتوليدية : محاولة لسبرها وتطبيقها على النحو العربي ، مجلة اللسانيات ، العدد 6 ، معهد العلوم اللسانية والصوتية ، الجزائر 1982 ، ص 31 .
69 - هـ / دوجلاس براون ، أسس تعلم اللغة وتعليمها ، ترجمة د/ عبده الراجحي ود/ علي علي أحمد شعبان ، دار النهضة العربية ، بيروت 1994 ، ص 34 .
70 - H. Besse / R. Galisson, Polémique en didactique, p. 131 - 133 .
71 - Ibid , p. 131 - 133 .
- المراجع :
أولا - الكتب :
1 - إبراهيم مصطفى ، إحياء النحو ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة 1959 .
2 - ابن جني ، الخصائص ، تحقيق محمد علي النجار ، ج 1 ، دار الكتاب العربي بيروت ( د.ت ) .
3 - ابن خلدون ، المقدمة ، ج 2 ، الدار التونسية للنشر - المؤسسة الوطنية للكتاب ، ط 1 ، تونس 1984
4 - ابن مضاء ، الرد على النحاة ، تحقيق د/ شوقي ضيف ، دار المعارف القاهرة ( د . ت ) .
5 - د/ أحمد سليمان ياقوت ، ظاهرة الإعراب في النحو العربي وتطبيقاتها في القرآن الكريم ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1983 .
6 - د/ تمام حسان ، اللغة العربية معناها ومبناها ، دار الثقافة ، الدار البيضاء ، المغرب (د.ت) .
7 - د/ رشيد بناني ، من البيداغوجية إلى الديداكتيك ، الحوار الأكاديمي والجامعي ، ط 1 ، الدار
البيضاء 1991 .
8 - د/ شوقي ضيف ، - تجديد النحو ، دار المعارف ، ط 2 ، القاهرة ( د . ت ) .
- تيسير النحو التعليمي قديما وحديثا ، مع نهج تجديده ، دار المعارف ، القاهرة (د.ت) .
9 - عباس حسن ، النحو الوافي ، ج 1 ، دار المعارف ، ط 9 ، القاهرة 1987 .
10 - عباس محمود العقاد ، أشتات مجتمعات في اللغة والأدب ، دار المعارف ، ط 8 ، القاهرة 1970 .
11 - عبد العليم إبراهيم : - الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية ، دار المعارف ، ط 13 ، القاهرة 1984 .
- النحو الوظيفي ، دار المعارف ، ط 8 ، القاهرة 1996 .
12 - عبد المتعال الصعيدي ، النحو الجديد ، دار الفكر العربي ، القاهرة ( د . ت ) .
13 - محمد أحمد عرفة ، النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة ، مطبعة السعادة ، القاهرة ( د . ت ) .
14 - محمد صاري ، التمارين اللغوية ، دراسة تحليلية ، رسالة ماجستير مخطوط ، جامعة عنابة ، الجزائر 1991 .
15 - د/ محمود أحمد السيد ، تطوير مناهج تعليم القواعد النحوية وأساليب التعبير في مراحل التعليم العام
في الوطن العربي ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس 1987 .
16 - د / محمود فهمي حجازي ، البحث اللغوي ، مكتبة غريب ، القاهرة ( د . ت ) .
17 - د / مهدي المخزومي : - مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة النحو ، دار الرائد العربي ، ط 3 ، بيروت لبنان 1986 .
- في النحو العربي نقد وتوجيه، دار الرائد العربي، ط 3، بيروت لبنان 1986
- في النحو العربي قواعد وتطبيق ، دار الرائد العربي ، ط 3 ، بيروت لبنان 1986 .
18 - د/ نايف خرما ود/ علي حجاج ، اللغات الأجنبية تعليمها وتعلمها ، عالم المعرفة ، المجلس الأعلى
للثقافة والفنون والآداب ، الكويت 1988 .
19 - هـ دوقلاس براون ، أسس تعلم اللغة وتعليمها ، ترجمة د/ عبده الراجحي ود/ علي علي أحمد
شعبان ، دار النهضة العربية ، بيروت 1994 .
ثانيا - المجلات:
1 - د / عبد الرحمن الحاج صالح ، أثر اللسانيات في النهوض بمستوى مدرسي اللغة العربية ، مجلة اللسانيات ، العدد الرابع ، مهعد العلوم اللسانية والصوتية ، الجزائر 1973 - 1974 .
2 - د / عبد الرحمن الحاج صالح ، النظريات النحوية والدلالية في اللسانيات التحويلية والتوليدية : محاولة لسبرها وتطبيقها على النحو العربي ، مجلة اللسانيات ، العدد السادس ، مهعد العلوم اللسانية والصوتية ، الجزائر 1982 .
3 - د / عبد الرحمن الحاج صالح ، الأسس العلمية واللغوية لبناء منهج اللغة العربية في التعليم ما قبل الجامعي ، مجلة اللغة العربية ، المجلس الأعلى للغة العربية ، العدد 3 ، الجزائر 2000 .
4 - د / علي أبو المكارم : - النحو التعليمي في خمسة قرون ، بحوث لغوية وأدبية ، جامعة أم القرى مكة ، السعودية 1986 .
- النحو التعليمي حتى منتصف ق 9 هـ ، مجلة معهد اللغة العربية ، العدد 2
جامعة أم القرى ، مكة ، السعودية 1986 .
5 - د/ عيسى الشريفوني ، اعتبارات نظرية وتطبيقية في تدريس القواعد لمتعلمي العربية من غير الناطقين بها ، المجلد 18 ، العدد 2 ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس 1998 .
ثالثا - الكتب الأجنبية :
1 - Dominique Maingueneau , Aborder la linguistique , ed Seuil , Paris 1996 .
2 - Fredéric François, l'enseignement et la diversité des grammaires, Hachette, Paris 1974.
3 - - H. Besse / R. Galisson, Polémique en didactique, CLE international , Paris 1980 .
4 - Pierre Delattre , les exercices structuraux pouquoi faire ? Hachette , Paris 1971 .
5 - R. Galisson / D. Coste , dictionnaire de didactique des langues , Hachette Paris 1976 .
6 - W.F. Mackey , Principes de didactique analytique , analyse scientifique de l'enseignement des langues , trad Lorme laforge , Paris Didier 1972 .
No comments:
Post a Comment